مجلس النواب المصري يقر أول قانون لتنظيم شؤون اللاجئين: جدل واسع وتساؤلات حول آليات التنفيذ
أقر مجلس النواب المصري نهائيًا أول قانون داخلي ينظم شؤون اللاجئين وطالبي اللجوء في البلاد. القانون، المقدم من الحكومة، يتكون من 39 مادة، ويهدف إلى تقنين أوضاع اللاجئين في مصر عبر إنشاء لجنة حكومية تختص بإدارة كافة الجوانب المتعلقة باللجوء.
ملامح القانون الجديد
يتضمن القانون تشكيل لجنة حكومية تتبع مجلس الوزراء، مسؤولة عن استقبال طلبات اللجوء وفحصها بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. تُلزم اللجنة بفحص طلبات القادمين إلى مصر بطرق مشروعة خلال ستة أشهر، وبحد أقصى سنة لغير المشروعة.
القانون يكفل للاجئين حقوقًا تشمل وثائق سفر، وحظر ترحيلهم قسريًا، وحقوقًا في التقاضي، التعليم، والعمل. كما يمنحهم الحق في التقدم للحصول على الجنسية المصرية، مع الالتزام باحترام الدستور والقوانين، وحظر أي أنشطة تمس الأمن القومي أو النظام العام.
محظورات صارمة وعقوبات رادعة
يحظر القانون على اللاجئين الانخراط في أنشطة سياسية أو نقابية، أو القيام بأعمال عدائية ضد دولهم الأصلية أو دول أخرى. كما يتضمن عقوبات تشمل السجن والغرامة لمن يخالف أحكامه، مثل دخول البلاد بطرق غير مشروعة دون تصحيح الوضع خلال 45 يومًا.
أسباب رفض طلبات اللجوء
حدد القانون أسباب رفض طلبات اللجوء، مثل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم جسيمة قبل دخول البلاد، أو إدراج طالب اللجوء على قوائم الإرهاب. وفي حال الرفض، تُلزم اللجنة بإبعاد الشخص خارج البلاد، مع إمكانية إسقاط صفة اللاجئ عن أي شخص حصل عليها بالغش أو الاحتيال.
ردود فعل وانتقادات واسعة
القانون أثار جدلًا واسعًا بين الخبراء والحقوقيين. أبرز الانتقادات تمثلت في غياب المناقشة المجتمعية، واستخدام مصطلحات فضفاضة مثل "الأمن القومي" و"قيم المجتمع". كما انتقدت منظمات حقوقية عدم تحديد فترة انتقالية لضمان نقل مهام المفوضية إلى اللجنة الحكومية، ما قد يخلق تحديات لوجستية وبيروقراطية كبيرة.
نور خليل، المدير التنفيذي لمنصة اللاجئين في مصر، أشار إلى أن القانون يوسع صلاحيات اللجنة الحكومية دون وضع ضوابط، ويفرض قيودًا على اللاجئين تتعارض مع المعايير الدولية، مثل منعهم من الانضمام للنقابات المهنية.
تأثير القانون على دور المفوضية الأممية
حتى الآن، يثير القانون تساؤلات حول دور المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي تدير منذ عام 1954 تسجيل اللاجئين في مصر. النائب أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع بمجلس النواب، أكد أن اللجنة الجديدة ستكون الجهة الوحيدة المختصة بملف اللاجئين، وأن عملها لن يتعارض مع المفوضية.
الأبعاد الإقليمية والدولية
يأتي القانون في سياق التعاون المصري-الأوروبي بشأن قضايا اللاجئين. في أكتوبر الماضي، أطلقت الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي برنامجًا لدعم اللاجئين بتمويل 12.2 مليون يورو. يرى مراقبون أن القانون قد يعكس ضغوطًا أوروبية على مصر لضبط أوضاع اللاجئين وإدارة تدفقاتهم.
إحصاءات وتحديات
تُقدر المفوضية عدد اللاجئين المسجلين في مصر بـ800 ألف شخص، بينما تشير الحكومة إلى وجود 9 ملايين أجنبي على أراضيها، بتكلفة سنوية تصل إلى 10 مليارات دولار.
القانون، رغم أهميته، يواجه تحديات كبيرة تتعلق بالتطبيق العملي وضمان حماية حقوق اللاجئين وفق المعايير الدولية، ما يستدعي مراقبة دقيقة خلال الفترة المقبلة.